ثم أرشد تعالى عباده المؤمنين إلى آداب اللقاء في ميدان الوغى ،ومبارزة الأعداء بقوله سبحانه:
45{ يا أيها الذين ءامنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}
{ يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا} أي إذا حاربتم جماعة فاثبتوا للقائهم واصبروا على مبارزتهم ،فلا تفروا ولا تجبنوا ولا تنكلوا .وتفسير ( اللقاء ) ب ( الحرب ) لغلبته عليه ،كالنزال ولم يصف الفئة بأنها كافرة ،لأنه معلوم غير محتاج إليه{ واذكروا الله كثيرا} أي في مواطن الحرب ،مستظهرين بذكره مستنصرين به ،داعين له على عدوكم{ لعلكم تفلحون} أي تظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة .
وقد ثبت في ( الصحيحين ){[4392]} عن عبد الله بن أبي أوفى: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه ،التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ،ثم قام في الناس فقال:أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو ،وسلوا لله العافية ،فإذا لقيتموهم فاصبروا ،واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ".
/ ثم قال: "اللهم منزل الكتاب ،ومجري السحاب ،وهازم الأحزاب ،اهزمهم وانصرنا عليهم ".
وفي الآية إشعار بأن على العبد ألا يفتر عن ذكر ربه ،أشغل ما يكون قلبا ،وأكثر ما يكون هما ،وأن يلتجئ إليه عند الشدائد ،ويقبل إليه بكليته ،فارغ البال ،واثقا بأن لطفه لا ينفك عنه في حال من الأحوال .