ثم احتج عليهم أيضا ،إفحاما إثر إفحام بقوله تعالى:{ قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون} .
{ قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق} أي بوجه من الوجوه ،كبعثة الرسل ،وإبقاء العقل ،وتمكين النظر في آيات الكون ،والتوفيق للتدبر .{ قل الله يهدي للحق أفمن يهدي للحق} وهو تبارك وتعالى{ أحق أن يتبع} أي يعبد ويطاع{ أمن لا يهدي} أي إلا أن يهديه الله تعالى- نزل منزلة من يعقل لإفحامهموقيل معناه:أم من لا يهتدي من الأوثان إلى مكان فينتقل إليه إلا أن ينقل .أو لا يهتدي ولا يصح منه الاهتداء ،إلا أن ينقله الله من حاله إلى أن يجعله حيوانا مكلفا ،فيهديه .وقد قرئ{ أمن لا يهدي} بفتح الياء والهاء وتشديد الدال ،أصله يهتدي ،أدغمت التاء في الدال ،ونقلت فتحة التاء المدغمة إلى الهاء ؛ وقرئ بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال ،لأنه لما نقلت الحركة التقى ساكنان ،فكسر أولهما للتخلص من التقائهما ،وقرئ بسكون / الهاء وبتخفيف الدال ،على معنى ( يهتدي ) .والعرب تقول:يهدي بمعنى يهتدي .يقال:هديته فهدى أي اهتدى .
وقوله تعالى:{ فما لكم} مبتدأ وخبره ،والاستفهام للإنكار والتعجب .أي:أي شيء لكم في اتخاذ هؤلاء العاجزين عن هداية أنفسهم ،فضلا عن هداية غيرهم ،شركاء .وقوله:{ كيف تحكمون} مستأنف ،أي كيف تحكمون بالباطل ،حيث تزعمون أنهم أندادا الله ؟ !
/خ36