[ 89]{ ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين 89} .
{ ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم} ،وهو نبيّهم ،{ وجئنا بك شهيدا على هؤلاء} ،أي:اذكر ذلك اليوم ،وما منحك الله فيه من الشرف العظيم والمقام الرفيع .وما يلحق الكافرين فيه ،من تمني كونهم ترابا ،لهول المطلع .
وقد ذكر ذلك في آية النساء في قوله تعالى{[5310]}:{ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا * يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول / لو تسوّى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا} .
وقوله تعالى:{ ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} مستأنف .أو حال بتقدير ( قد ) .
قال الرازي:وجه تعلق هذا الكلام بما قبله ،أنه تعالى لما قال:{ وجئنا بك شهيدا على هؤلاء} ،بيّن أنه أزاح علتهم فيما كلفوا .فلا حجة لهم ولا معذرة .
وقال ابن كثير في وجه ذلك:إن المراد ،والله أعلم ،إن الذي فرض عليك تبليغ الكتاب الذي أنزله عليك ،سائلك عن ذلك يوم القيامة ،{ فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين}{[5311]} ،{ فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون}{[5312]} ،{ يوم يجمع الله الرسل .فيقول ماذا أجبتم ،قالوا لا علم لنا ،إنك أنت علام الغيوب}{[5313]} وقال تعالى{[5314]}:{ إن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد} ،أي:إن الذي أوجب عليك تبليغ القرآن ،لرادك إليه ،ومعيدك يوم القيامة ،وسائلك عن أداء ما فرض عليك .هذا أحد الأقوال ،وهو متجه حسن .انتهى .
و ( التبيان ) ،من المصادر التي بنيت على هذه الصيغة ؛ لتكثير الفعل والمبالغة فيه .أي:تبيينا لكل علم نافع من خبر ما سبق ،وعلم ما سيأتي ،وكل حلال وحرام ،وما الناس محتاجون إليه في أمر دنياهم ودينهم ،ومعاشهم ومعادهم ،{ وهدى} ،أي:هداية لمن استسلم وانقاد لسلامة فطرته إلى كماله ،{ ورحمة} ،أي:له بتبليغه إلى ذلك الكمال بالتربية والإمداد ،ونجاته من العذاب ،وبشارة له بالسعادة الأبدية .